الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة رواية "ابنة الجحيم" الفائزة بجائزة الكومار الذهبي: حينما تتحوّل الحياة إلى عقاب وتلتصق لعنة الموت بتلك الذات المشؤومة!

نشر في  29 أفريل 2018  (21:53)

فازت الكاتبة خيرية بوبطان بجائزة الكومار الذهبي للروايات باللغة العربية لسنة 2018، عن عملها الروائي "ابنة الجحيم" الصادرة عن دار التنوير للنشر سنة 2017.

هذا العمل الذي قالت عنه السيدة مسعودة بن بوبكر العضوة في لجنة التحكيم باللغة العربية للدورة الـ22 لجوائز الكومار الذهبي، قالت عنه خلال تعليقها انه "كتابة الذات الانسانية في سيريالية عانقت الفني في انسجام تام... الطفلة اليتيمة... الطفلة النحس المتسلحة بقوة خارقة من التخييل الكابوسي تلج عوالم غيبية لتقتصّ بشكل غير مباشر من عالم لحقها من اناسها الضرر".

"ابنة الجحيم" هي رواية موغلة في الأسئلة الوجودية وحبلى بالمرادفات الشائكة المتخبطة بين الحياة والموت... الخلق والعدم... المحدود والمطلق... بين الوجع والوجع الأقسى...  هي رواية تتضمن 256 صفحة وتتمحور في مجملها عن قصة الفتاة "اسماء"  التي فقدت أمها لحظة خروجها لحياة قاسية تعاظمت قسوتها بحضور زوجة والدها "اسيا" التي كانت اسماء تمقتها وتظن بأن علاقة قديمة جمعتها بوالدها حتى قبل موت والدتها..

أسماء أو بطلة الرواية، تلك الفتاة التي ظلت فكرة الموت والغبن تلاحقها كما لاحقها شعورها الدائم بالذنب لأنها لم تتبع أمها إلى القبر لتتحول الحياة بالنسبة اليها بمثابة عقاب مسلّط عليها فيما تلتصق لعنة الموت بذاتها المشؤومة المتلحفة بالألم والظلامية كما اعتبرتها.

مقتطفات من الرواية:

*الطريق سالكة، فلا جبل ولا صخرة. إنها الأرض المنبسطة الواسعة التي لا حدود لها. لا نقطة بداية ولا نقطة نهاية. كأنها أرض بلا خريطة. هل عليّ أن أعيد تحديد الأمكنة ورسمها؟ تنتابني نوبة الضحك الهستيري. ماذا سأحدد وأنا عاجزة عن تحديد من أنا فما بالك بموقعي، هل أنا في الأعلى أو في الأسفل؟ هل أطفو أم غارقة في عمق سحيق؟ بل أنا لا أعلم حتى إن كنت في صحو أو في منام؟ في حلمي أو في حلم كائن آخر غيري؟

* علاقتي وطيدة بالموت. ربما أنا وسيلة من وسائله. لعلي الرسولة التي اختارها لينذر من حان أجله. أو ربما أنا يد من أياديه. خواطر وأفكار مجنونة سيطرت على كل ذرة فيّ وآمنت بها حتى النخاع. هكذا بدأت طوراً آخر. إنها رحلة الانتقام.

* في الحب تقاد لمن تحب، في الكره تحاول السيطرة

*إنها الوجه الحقيقي للحياة، حيث البقاء للأقوى، البقاء للأقوى فكرة أزلية أبدية

* في مرحلة ما كلما رأيت أحدهم في المنام أصحو على خبر موته. نجا ثلاثة: أبي وآسيا وشمس. لكن إلى حين. عندما اكتشفت الصلة بين أحلامي والموتى خفت كثيراً

* أنا عينان خضراوان مفتوحتان على وسعهما. عينان عالقتان في مكان ما. أنظر من حولي. عيون كثيرة مثلي هنا. ترى كل شيء في أدق تفاصيله. عيون كثيرة تراقب عن كثب في انتظار شيء ما. ميّزت من بينها يس وشمس ووالدي... لكن آسيا غابت عن هذا السفر بين السموات... فأدركت أنني لم أرَ الجحيم بعد

كنت أنا والماء لا زوايا ولا انعطافات. لا فوق ولا تحت، لا يمين ولا يسار، لا قبل ولا بعد. أنا شيء فيه ومنه. وهو يحوطني كجلدي، يخترقني كرصاصة، من الأوّل؟ من الآخر؟ لا نبالي مهما ننمو ونتآكل. أنا والماء فقط نتعاطى الفكرة ذاتها. نحن هنا معا. حياة تتخلّق من لاشيء.

تجدر الاشارة الى ان خيرية بوبطان، كاتبة وشاعرة تونسية من مواليد عام 1974. باحثة في الأنتربولوجيا الثقافية. لها ثلاث مجموعات شعرية، وروايتين: "عايش ميت"، و"ابنة الجحيم".

خيرية بوبطان اعتبرت في احدى حوارتها الاعلامية ان الكتابة حبٌّ نعم، بل هي عشقٌ لكل تفاصيل الحياة، وسعي دائم للبحث عن سبلٍ ودروبٍ تأخذنا عميقاً لنكتشف هويّة الإنسان وملامحه الرحيمة المتسامحة. هي أيضاً، انتقامٌ من الحقد والكراهية واللإنسانية... انتقامٌ من الشتات والتناحر، فالكتابة عمل إنساني لا يعترف بالحدود أو الانتماءات الضيقة.‏